لقد أدى تطور المجتمع الجزائري و ارتفاع عدد السكان خلال العشرين سنة الماضية إلى ازدياد الطلب على الخدمات الطبية، مما حدا بالسلطات العمومية لفتح المجال أمام المستثمرين لإنشاء عيادات خاصة تخضع لضوابط قانونية وتقنية حددها التنظيم بموجب المرسوم التنفيذي رقم07-321 المتضمن تنظيم المؤسسات الاستشفائية الخاصة وسيرها، على ضوء القانون رقم 85-05 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها، ثم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 21-136 المـؤرخ في 07-04-2021 المحدد لشروط وكيفيات استغلال المؤسسات الخاصة للصحة وسير وتنظيم نشاطاتها الصحية، على ضوء القانون رقم 18-11 المؤرخ في 02-07-2018 المتعلق بالصحة المعدل و المتمم، حتى تتولى القيام بأنشطة الفحص الطبي والاستكشاف والتشخيص والاستعجالات الطبية والجراحية وكذا الاستشفاء.
وانطلاقا من معاينة موضوعية للقضايا ذات الصلة، المطروحة على الغرفة المدنية بالمحكمة العليا، نظمت هذه الأخيرة، ملتقى دوليا يومي 17 و 18 ديسمبر 2024 بفندق الشيراتون، بمناسبة اختتام احتفالاتها بالعيد الستين لتأسيسها بعنوان: ” المسؤولية المدنية للمؤسسات الخاصة للصحة ومهنيي الصحة العاملين بها”، ومن خلاله تمت مناقشة مختلف المناحي القانونية للموضوع والتعرف على آخر ما وصل إليه الاجتهاد القضائي المقارن، لاسيما مع التطور المشوق الذي عرفته المسؤولية الطبية في المجالين الفقهي والقضائي، في ضوء لجوء الطب الحديث إلى استعمال تقنيات متطورة و معقدة في التشخيص والعلاج، نتجت عنها مخاطر وإصابات وحوادث، تطرح العديد من التساؤلات تدور في مجملها في فلك المسؤولية المدنية الطبية سواء للعيادات الطبية الخاصة المستحدثة أو لمهنيي الصحة العاملين بها من مختلف الأسلاك و حتى لمستشفيات وعيادات القطاع العام، في حالة تبعية مهنيي الصحة العاملين في العيادات الخاصة لها، أو في حالة وقوع حوادث تستدعي نقل المريض للعلاج من العيادة الخاصة إلى مستشفى تابع للقطاع العام.